عوامل اندلاع ثورة الجياع في إيران ، و تأملات في مجزرة معشور/ بقلم: علي فرهود زيدان

789786868767موقع كارون الثقافي|متابعات- بعد ما اقتصر الحراك السياسي في ايران، خصوصا في المدن الفارسية، على طلبة الجامعات والإصلاحيين اللذان وقفا في طليعة الاحتجاجات السياسية خلال السنوات الماضية، حيث كانا يشكلان الدافع والمحرك الرئيسي للاحتجاجات في إيران مقارنة بالمستويات الدنيا في المجتمع، لكن الاحتجاجات الأخيرة كانت بداية جديدة من حيث الكم والكيف، وامتداد طبيعي ومتسلسل ومترابط لاحتجاجات سواق الشاحنات والعمال والمعلمين، مما يعني ولادة صوت أو تيار ثالث في المشهد السياسي الاجتماعي في إيران.

 كانت احتجاجات نوفمبر حركة جماهيرية واسعة النطاق لم تقتصر على صنف أو مجموعة واحدة أو مدينة واحدة، بل شملت قطاعات مختلفة ضمن حركة واحدة. وذلك بعد ارتفاع سعر البنزين، وتزايد واسع النطاق في عدد المنتمين للطبقات المحرومة في المجتمع لم نشاهد مثلها منذ أربعة عقود. وخلافًا للتوقعات فان الطبقة الدنيا عادةً ما لا تكوّن المجموعة الأولى التي تدخل الساحة السياسية إلا في المراحل الأخيرة، لا سيما في مجتمع مثل إيران، حيث تشكل الضغوط الاقتصادية و الحقوق القومية مصدر الصراع والقلق الرئيسي، للسلطة الحاكمة.

 إلى جانب غياب و صعوبة التنظيم، في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، شاهدنا تحديا واضح وصريح للنظام من قبل الطبقات الدنيا بشعارات اقتصادية وسياسية ، مما شكل تهديدا خطيرا للنظام، سواء من حيث التكوين الطبقي للحركة او شعاراتها التي تحدت السيادة الكاملة للنظام .

وبعدما كان النظام مهووس بالسيطرة التي حققها على المجتمع و العواصم العربية كـ بغداد، ودمشق و بيروت والتحكم الكامل بالمواطنين وتعميم فكر النظام السلطوي وتحويله إلى رأي عام وحس مشترك لدى فئات منتفعة من النظام، وخصوصًا لدى أصحاب المراكز والنفوذ في الحقل الإقتصادي، والسياسي والثقافي.

ولهذا شاهدنا تحرر المتظاهرين من أي مطالبات إقتصادية خاصة ومطالب فئوية في غياب (الوعي النقابي/ الحزبي ) إلى الوعي السياسي المباشر. واستطاعوا ان يقدموا أنفسهم للمجتمع، كنواة مشروع تغيير شامل وليس مجرد مطالبين بإصلاح و إنما مطالبين بتغيير النظام وقد أدى ذلك إلى نقطة تحول وتحدي لخطاب السلطة و شريكه الإصلاحي الذي سيطرعلى جزء مهم من المواطنين طيلة السنوات الماضية، اليوم يمكننا أن نجيب بشكل أفضل على سؤال عما إذا كنا قد شهدنا احتجاجات أم ثورة وعن العوامل والأسباب التي ساهمت باندلاع ثورة الجياع؛

1-تضيق الخناق الدولي ضد سياسات النظام ووضع موسسات المالية وشريكات في القائمة السوداء بتهمة دعم الاٍرهاب وتبيض الأموال .

2-تأثير الاحتجاجات العراقية البنانية على الجانب الاقتصادي المرتبط بالحرس الثوري خصوصا في العراق .

3- التدني و التأخير في دفع أجور العمال بحيث الراتب العامل لا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية و أقل من ميزان خط الفقر المتعارف في إيران .ارتفاع معدلات البطالة وندرة فرص العمل و تسريح الآلاف من العمال بسبب تعطيل الكثير من الشريكات .

4-ازدياد معدلات الفساد في كافة المجالات (اقتصادية ،اجتماعية و……).

5-هيمنة الحرس الثوري على جزءاً كبيراً من الاقتصاد في البلد.

6-غياب الحريات الجماعية والفردية ، الأحزاب و المؤسسات غير الحكومية.

ما حدث في معشور و إيران عموما ليس بعيدا عن الطورات الأخيرة في المشهد الإقليمي الرافض للوجود الإيراني و تدخلاته ، و أصبح تخوف إيران واضحا من فقدان نفوذها المتراكم في العراق و لبنان و انتقال عدوى المظاهرات من بغداد و بيروت إلى المدن و شوارع طهران.

عندما يصرح ازلام النظام بثقة كبيرة قبل الاحتجاجات على لسان قاسم سليماني بالقول: «نحن في إيران نعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات»، يكشف لنا ان النظام كان مستعدا عبر خطة مرسومه مسبقا لقمع الاحتجاجات و التعامل معها بقسوة و ذلك تطبيق النموذج السوري وتقسيم المحافظات الثائرة إلى قسمين المناطق تحت السيطرة (المحافظات ومراكز المدن ذات الغالبية الفارسية، كرمان ، يزد ،أصفهان ،وطهران) والمناطق الساخنة الأقاليم والمدن غير الفارسية (العربية، التركية، الكردية و…) ل وذلك من خلال اتباع سياسة عسكرية حربية في المناطق والمدن الغير فارسية كما حدث في مجزرة معشور العربية و في شيراز في مناطق الترك القشقائية ك منطقة كشن، وفي طهران المناطق التركية الآذرية، قلعة حسن خان واسلام شهر والمدن الكردية في كردستان وكرمانشاه.

ما حدث في معشور

شهدت ميداناً في الطريق الرئيسي بمدينة معشور تجمع المتظاهرين السلمين، ومع اليوم الأول للانتفاضة تمكنت مجموعة من المتظاهرين الذين أتوا من المناطق المحيطة من قطع الطريق الرئيسي في المدينة. في اليوم الثاني، حضرت قوات المنطقة الثالثة للحرس الثوري بعدتها كاملةً، و القوات الخاصة (نوبو) لتنفيذ المجزرة ضد المتظاهرين، الذين حافظوا على سلميتهم، لقد وجد المتظاهرون أنفسهم محاصرين بالدبابات والآليات العسكرية وجنود الحرس و القوات الخاصة المدججين بالأسلحة، فبدأ إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، دون إنذار مسبق لاحقت فرق الموت المتظاهرين من مبنى إلى مبنى ومن شارع إلى شارع، توجهت فرقة أخرى، نحو الأهوار، وحاصرت المتظاهرين الذين احتموا فيها، ونفذت المجزرة، فقتلت المتظاهر وأوقعت عدداً كبيراً من القتله والجرحى، من الشباب العرب. يقول احد أبناء الجراحي ، قاسم ع، إن “المجزرة نُفذت ضد العرب علي أيدي قوات الخاصة (نوبو)
وشدد على أن “الهدف من المجزرة هو القضاء على الوجود العربي ، المعروف عنهم بتمسكهم بعروبتهم وارضهم رغم التهميش التجويع المتعمد .
فيما قال ، هاشم ص ،إن “مرتكبي المجزرة قتلوا العشرات من المدنييين في الجراحي، وأضاف أنهم “استهدفوا بشكل أساسي الناشطين و الأشخاص المعروفين من أبناء الحراحي”.
وتابع: “قتلوا أشخاص عرب من أبناء المنطقة، مثل سالم أمير سنجران العيداني ،يوسف يونس البوعبادي وعباس طعمة عساكرة. “ابو محمد م ” (72 عاما)، وهو أحد شهود العيان على المجزرة، قال إن مرتكبيها قتلوا ثلاثة من الشباب في احد شوارع المدينة، أمام عينيه.
وأردف: “فجأة.. اقتحم مسلحون لا نعرفهم البيت، وجمعوا أفراد عائلتي، ووضعونا في احد الغرف، ثم هددونا الا نخرج من البيت واخذو هواتفنا .
ومضى قائلا: “اُصبت وبقية أفراد العائلة بجروح بالغة.. نتيجة الضرب من قبل المسلحين، لم يستطع أحد نقلنا إلى المستشفى بسبب فرض حظر التجول في المدينة”.
واستطرد السبعيني “في اليوم التالي تمكن جيراننا من نقلنا إلى المستشفى، حيث شاهدنا مصابين من عرب المنطقة في المشفى.
و في اتصال هاتفي مع احد الناشطين من أبناء معشور، ج ع ، أكد أن “الجناة حاولوا إسكات الموطنين العرب من خلال ارتكاب المجزرة.. وكانت خطوة لزرع الخوف في نفوسهم .
وتابع: “المجزرة هدفت أيضا إلى تخويف السكان وردعهم في المطالبة بتحسين اوضاعهم المعيشة في ظل منطقة غنية بالشريكات النفط والبتروكيمياويات و الموانئ الدولية ، وتابعه أن “آثار المجرزة ما تزال قائمة في نفوس أهل معشور و الجراحي ، وهم يعتبرون يوم 15 تشرين 2019 هو يوم ارتكبت فيه جريمة ضد الإنسانية”.”مرتكبي المجزرة كانوا يريدون القضاء على الوجود العربي في المنطقة .وأوضح أن “جميع ضحايا المجزرة هم من المدنيين .
لهذا الأسباب باتت مجزرة الجراحي ، الأعلى صوتا و رمزاْ لجريمة القوات العسكرية للنظام الإيراني ، و باتت تحمل رمز ضحية الاحتجاجات الاخيرة ، كونها المجزرة الاكبر و الأعنف بل من ارتكبها كان يرغب بالاعلان عنها ، لحسابات داخلية و خارجية ، لكسب تائيد المستوطنين والمؤمنين بالدولة القومية الفارسية من المعارضة الإيرانية ، متهمين الضحايا بالخيانة و التآمر والانفصال ، و لبث الهلع و الرعب في نفوس المواطنين العرب في مدن الإقليم و المناطق المجاورة.

تشرفنا بزيارتكم ونتمنى دائما أن ننول رضاكم.

موقع ويب تم إنشاؤه بواسطة ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑